جيسي هوغان وشغفه بلعبة الشطرنج: “بعد شهر واحد، أصبحت مهووسًا بها تمامًا”

في الوقت الذي يُعرف فيه نجم دوري كرة القدم الأسترالية (AFL) جيسي هوغان بقوته الهجومية على أرض الملعب، فإن هناك جانبًا آخر غير متوقع في حياته بدأ يلفت الأنظار: حبه الكبير للعبة الشطرنج.

رغم أن الأمر قد يبدو مفاجئًا للبعض، يعترف هوغان بأن الكثيرين لا يتوقعون أنه يمارس هذه اللعبة. يقول: “صفاتي في الماضي لم تكن توحي بأني شخص قد يستمتع بالشطرنج بهذا الشكل”، مضيفًا بابتسامة خفيفة أن الصورة النمطية لمحبي الشطرنج لا تنطبق عليه إطلاقًا.

هوغان، البالغ من العمر 30 عامًا، والذي أصبح لاعبًا أساسيًا في صفوف فريق “جريتر ويسترن سيدني” الساعي للمنافسة على لقب الدوري في 2025، يعيش واحدة من أفضل فتراته الكروية بعد مسيرة متقلبة مع فريقي “ملبورن” و”فريمانتل”، حيث عُرف وقتها كموهبة لم تستغل إمكاناتها كاملة. لكن في سيدني، أعاد تشكيل نفسه بدنيًا وذهنيًا، وحقق مستوى رائعًا تُوج بالحصول على ميدالية كولمان.

لكن بعيدًا عن عالم الكرة، هناك قصة أخرى بدأت في التبلور: قصة هوغان مع الشطرنج. يقول إن اللعبة لا تتطلب فقط ذكاءً أو مظهرًا معينًا، بل هي تجربة ذهنية ممتعة، مضيفًا: “الشطرنج ليس مجرد نشاط لنخبة المثقفين، بل فيه عنصر من التحدي العقلي الذي يجذبني بشدة”.

اللاعب لم يسعَ إلى الشهرة في مجتمع الشطرنج، ولا يسعى للحصول على رعاية من شركات تصنيع الألواح أو مواقع اللعبة الإلكترونية. كل ما في الأمر أنه وقع في حب اللعبة من جديد. “لا أفعل هذا من أجل لفت الانتباه. أنا حقًا أستمتع بالشطرنج، وأحب الحديث عنه. أراه شيئًا غريبًا ومميزًا، بل ومهملًا إلى حد ما في عالم الـAFL”، يقول هوغان.

كان أول لقاء له بالشطرنج في سن الثانية عشرة عندما علمه صهره أساسيات اللعبة، لكن كأي مراهق شغوف بالألعاب الإلكترونية، انجذب لاحقًا إلى “بلايستيشن” وترك الشطرنج خلفه. لكن بعد سنوات، أعاد أحد أصدقائه إحياء هذا الشغف قبل عامين، ليعود هوغان أكثر نضجًا واستعدادًا لخوض التحدي من جديد. “خلال شهر واحد فقط أصبحت مدمنًا تمامًا”، يروي بحماس، مشيرًا إلى أنه بدأ اللعب عبر موقع chess.com وانبهر بنظام التصنيفات العالمي فيه.

موقع الشطرنج الإلكتروني الشهير يتابع أداء أكثر من 100 مليون لاعب حول العالم، من الهواة وحتى المحترفين. وبالنسبة لهوغان، كان دائمًا يجد منافسًا في أي وقت. “كنت أظل مستيقظًا حتى الثالثة صباحًا ألعب دون توقف. ألعب 15 مباراة متتالية، ثم أذهب للنوم وأفكر فقط في آخر مباراة خضتها”.

السبب وراء تعلقه؟ روح التنافس. فكل مباراة تُحسب ضمن نظام النقاط المعروف باسم “تصنيف إيلو”، مما يعني أن كل فوز يُترجم إلى تقدم فوري. “عندما بدأت، كنت ألعب 25 إلى 30 مباراة خلال يوم أو يومين. وكل مباراة تستغرق 20 دقيقة، فتخيل كم من الوقت أمضيته أمام 64 مربعًا بالأبيض والأسود!”، يضيف ضاحكًا.

مع قضاء لاعبي GWS Giants أكثر من 40 ساعة على متن الطائرات خلال الموسم، وجد هوغان وقتًا كافيًا للغوص في عالم الشطرنج. وبالفعل، ارتفع تصنيفه العالمي سريعًا خلال موسم 2024، حتى تجاوز مستوى اللاعب العادي، وبلغ 1600 نقطة في يناير. وعندما شارك هذا الإنجاز على وسائل التواصل الاجتماعي، تلقى سيلًا من التعليقات والدعوات من أندية الشطرنج. “انضم إليّ حوالي 30 أو 40 شخصًا، وعلّقت بعض الأندية بقولها: هذا تصنيف جيد. وهذا كل التقدير الذي أحتاجه”، يقول بفخر.

اليوم، يتحدث هوغان باحترام شديد عن النرويجي ماغنوس كارلسن، بطل العالم خمس مرات. “إنه أعظم لاعب شطرنج على الإطلاق، شخصيته مميزة للغاية، وطريقة تفكيره تفوق التصور. وكأن لديه قدرة خارقة فعلًا”، يقول بإعجاب.

ومن الواضح أن هوغان ليس الرياضي الوحيد الذي وقع تحت سحر “لعبة الملوك”. في دوري الـAFL، هناك عدد من اللاعبين الذين يمارسون الشطرنج، منهم ماكس غون وكلايتون أوليفر من ملبورن، ومارك بليكافز من جيلونغ، وسام والش من كارلتون. كما يلعب نجوم آخرون مثل لاعب السلة لوكا دونتشيتش، ونجم كرة القدم محمد صلاح (بتصنيف حوالي 1400)، وهاري كين (حوالي 1200). ولكن يبدو أن لاعب الغولف الأمريكي سهيث تيغالا هو الأكثر تميزًا بين الرياضيين.

في نهاية المطاف، يبدو أن جيسي هوغان وجد في الشطرنج ما لم يجده البعض في الملاعب: توازن، تحدٍّ ذهني، وشغف جديد قد يستمر معه طويلاً.